التفكر في " بعوضة فما فوقها"

قال تعالى في كتابة الحكيم " إن الله لا يستحي ان يضرب مثلاً ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنو فيعلمون أنه الحق من ربهم و أما اللذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا.." (البقرة 26).

ورد ذكر العديد من الكائنات الحية في القرآن الكريم كالبعوض والذباب، بل وسميت بعض السور بأسماء بعض من هذه الكائنات مثل سورة النمل، وسورة النحل، وسورة العنكبوت. والمطلع بشكل سطحي على هذه الكائنات يظن أنها كائنات دنيئة بسيطة التركيب، ولكن بعد التقدم العلمي واختراع الأجهزة الحديثة كالمجاهر تبين أن تركيب مثل هذه الكائنات على درجة في غاية التعقيد.

وسنفرد الحديث هنا عن البعوض حيث ضرب الله فيه مثلاً في سورة البقرة في الآية 26.




ينتمي البعوض إلى رتبة الحشرات ذات الجناحين ويوجد 3000 نوع من البعوض تنتشر في المناطق الاستوائية و المعتدلة. وينقل البعوض العديد من الأمراض للإنسان مثل الملاريا والفلاريا والتهاب الدماغ والحمى الصفراء وبخاصة في إفريقيا.

وقد توقف العلماء قديماً وحديثاً عند قوله " بعوضه فما فوقها" أما تفسير ابن كثير فمعنى فما فوقها، فيه قولان: فما دونها في الصغر والحقارة، والثاني ما هو أكبر منها لأنه لا شيء أحقر ولا أصغر من البعوضة. واتفق الطبري مع ابن كثير في التفسير. 
وفسرها بعضهم الآخر " فما فوقها" أي فوق جسمها.

ولإلقاء الضوء على العلاقات المختلفة بين البعوضة والكائنات التي فوقها سواء في الصغر أو الكبر، أوفوق جسمها؛ أجريت دراسة من قبل الدكتور مصطفى إبراهيم حسن -أستاذ علم الحشرات الطبية في كلية العلوم-جامعة الأزهر- استخدم فيها المجهر الإلكتروني الماسح لتصوير الشعيرات الحسية المصاحبة لقرون الاستشعار وأجزاء الفم، واستخدم المجهر الإلكتروني النافذ في تصوير معدة البعوضة والكائنات الدقيقة التي تعيش بداخلها.

وقد اكتشفت الدراسة أن هناك العديد من الكائنات الدقيقة تعيش في معدة البعوضة وفي غددها اللعابية وتضم هذه الكائنات: 17 نوعاً من البكتيريا 6، أنواع من الفايروسات، نوعين من الفطريات، نوعين من الديدان الخيطية (ميكروفيلاديا).

فإذا أخذنا معنى " فما فوقها" بأنه ما أدناها في الحجم أو ما أصغر منها فلقد توصلت الدراسة إلى أن البعوضة ترتبط بعلاقات معقدة مع الكائنات التي هي أصغر منها وقد وجد أن بعض هذه الكائنات مفيدة لحياة البعوض مثل البكتيريا والفطريات، وبعضها ضار كالفيروسات والديدان الخيطية.

وإذا أخذنا معنى
" فما فوقها" أي ما هو أكبر منها من الكائنات تكون البعوضة أدنى وأحقر من غيرها من الكائنات ومع ذلك،  فإنها تتمتع بالآتية: 



1- للبعوضة القدرة على تحديد مكان العائل بوساطة الشعيرات الحسية الدقيقة التي توجد على قرون الاستشعار وأجزاء الفم وتصنف هذه الشعيرات إلى نوعين: 
- مستقبلات ميكانيكية
- مستقبلات كيماوية لها القدرة على استقبال رائحة غاز ثاني أكسيد الكربون ودرجة الحرارة، وتقوم أيضاً بتجديد جزيئات الماء الذي سوف تضع البيضة فيه.

2- قدرة الخلية الواحدة في معدة البعوضة على القيام بكل الوظائف التي تقوم بها خلايا معدة الإنسان مجتمعة.

3- قدرة خلايا البعوض على تدمير فايروس الإيدز وفايروس الالتهاب الكبدي الوبائي.

4- للبعوضة إبرة مغلفة بغلاف خاص تخرجها عندما تقوم بمص الدم، والإبرة لا تقوم بثقب الجلد وإنما تثقبه بوساطة الفك العلوي الذي يشبه السكين والفك السفلي الذي يعمل كالمنشار ويشق الجلد. وتبدأ البعوضة بامتصاص الدم بوساطة الإبرة وحتى لا يتخثر الدم تفرز إنزايماً إلى منطقة الجرح يمنع تخثر الدم. و الذي يقوم بمص الدم هو أنثى البعوض وتستخدم الدم كغذاء للبويضات تمدها بالبروتين وليس لها. وتتغذى الإناث والذكور في البعوض على رحيق الأزهار.

وإذا  أخذنا معنى "فما فوقها" على أنه فما فوق جسم البعوضة على اعتبار كلمة فوق "ظرف مكان"،  فقد توصل الباحث إلى أن هناك كائنات صغيرة تعيش فوق جسم البعوضة من الخارج وبخاصة منطقتي الصدر والبطن لها القدرة على افتراس البعوضة وقتلها مثل: 

* الحَلَمْ (العث
mite ) وهو حيوان مفصلي ينتمي إلى صف ذوات الكلابات ومنها العنكبوت ويعيش متطفلاً على أجسام بعض الكائنات الحية ولا تتركها حتى تقتلها.

* نوعين من الفطريات تعيش على جسم البعوضة وتتغذى عليها، وقد تم مؤخراً استخدامها للقضاء على البعوضة (مقاومة حيوية).

وهكذا، نلاحظ أن الله سبحانه وتعالى أودع في هذه البعوضة آياته وقدرته ما تتحير بها العقول، لذا فإن الله سبحانه لا يستحيي أن يضرب مثلاً بالبعوضة التي قد يعتبرها بعضنا مخلوقاً حقيراً، فتبارك الله أحسن الخالقين.

1 التعليقات:

رائع لكنه بحاجة الى اضافة بعض المراجع العلميية لاجل الدقة

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More